فض منازعات الاستثمار عبر المحاكم التجارية الدولية

أحمد محمود

قسم القانون الخاص - كلية القانون - جامعة قطر

الملخص

نتيجة العولمة وحركة التجارة الدولية زادت الأعمال والاستثمارات عبر حدود الدول، ونتج عن ذلك وجود منازعات استثمارية دولية متنوعة. ولما كان الوقت والاقتصاد في الجهد والنفقات أهم عوامل جذب الاستثمار، تسعى تشريعات الدول الإجرائية لتوفير وسائل قضائية أو بديلة لفض منازعات الاستثمار، في سبيل تحقيق لوجستيات العدالة الناجزة، أي الوصول إلى حل للنزاع في مدة معقولة، وبأقل جهد وتكلفة وإجراءات ممكنين، لدرجة أن وصل الأمر أن يعلق المستثمر تنفيذ استثماراته على النص على وسيلة فض منازعاته تحقق الأهداف السابقة. وحرصت تشريعات الدول الجاذبة للاستثمار على تقنين التحكيم التجاري الدولي كوسيلة بديلة للقضاء الوطني، باعتبار أن هذا التحكيم وسيلة- مقارنة بالقضاء الوطني- يتمتع بمزايا، تقابل العيوب أمام القضاء، كحرية إرادة الأطراف والسرعة و الكفاءة و السرية و بساطة الإجراءات و المرونة و تنفيذ حكم التحكيم عبر الحدود، وبالفعل انتشر التحكيم و كانت له فعالية في تهيئة مناخ الاستثمار، إلا أن التحكيم أضحى وسيلةً لم تسلم من العيوب في نظر المستثمرين من حيث عدم جواز الطعن على حكمه وعدم اتساع نطاقه لكل المنازعات، بجانب أن حتى مزايا التحكيم هي مزايا نسبية، فما يعد مزية في التحكيم وفقاً لنظر البعض، يعد عيباً في نظر البعض الآخر. لذلك، بدأت الدول الجاذبة للاستثمار، حتى منها الصديقة للتحكيم، تفكر في هجين يجمع بين التحكيم التجاري الدولي والمحاكم الوطنية، فأنشأت ما يسمى بـ " المحاكم التجارية الدولية International Commercial Courts"، هي محاكم ذات صبغة دولية، لا هي محاكم وطنية بحتة ولا هي تحكيم تجاري دولي بحت، بحيث تتمتع بخصائص تجعلها وسيلة مثلى منافسة لفض منازعات الاستثمار، لأنها تجمع بين مزايا التحكيم التجاري الدولي والقضاء الوطني، وفي الوقت ذاته تتجنب عيوب كل منهما. لذا، بدأ العديد من الدول في إنشاء او إنشاء بالفعل هذا النوع من المحاكم المتخصصة ذات الطابع الدولي في فض منازعات الاستثمار ومصالح التجارة الدوليين، وانتشرت بالفعل في كل قارات العالم وفصلت بالفعل في قضايا عدة، لتمشي على خطى محكمة لندن التجارية النموذج والرائد في هذا المجال، كما في دول: الإمارات وقطر وسنغافورة وكازخستان والصين وغانا ورواند وفرنسا وألمانيا وسويسرا وبلجيكا وهولندا وأستراليا وغيرها. وهدياً بما تقدم، ستحاول الورقة البحثية، من خلال الدراسة التحليلية المقارنة، الوقوف على فلسفة إنشاء المحاكم التجارية الدولية، ونماذجها في كثير من الدول، ثم لخصائصها المميزة، وكذا نظامها الإجرائي، وأخيراً لمدى فعاليتها على أرض الواقع الاستثماري، بحيث تجعلها الوسيلة الأفضل والمنافس أو البديل للمحاكم الوطنية من ناحية والتحكيم التجاري الدولي من ناحية أخرى.

الكلمات الدالة

منازعات الاستثمار" ، "منازعات التجارة الدولية" ،" المحاكم التجارية الدولية" ، "التحكيم التجاري الدولي"، "محاكم ذات طابع دولي"